الصفحة الرئيسية
En
history

القصة وراء القصر التاريخي لحرم الجامعة

يناير 3, 2016

يعد أقدم مبنى بالجامعة الأمريكية بالقاهرة قصر خيري باشا الذي يطل على ميدان التحرير بوسط مدينة القاهرة منذ 150 عام تقريباً.

يشتهر قصر خيري باشا بطرازه المعماري الرائع، كما يحمل في طياته تاريخ طويل وغني خاص به. فهذا القصر هو ركن أساسي في تاريخ الجامعة حيث يربط مجتمع الجامعة بالماضي الثقافي والتعليمي لمصر.

علامة بارزة في التعليم المصري

يمتد ارتباط القصر بالتعليم في مصر طويلاً حتى قبل تواجد الجامعة الأمريكية بالقاهرة. فقد قام الخديوي إسماعيل بتشييد القصر خلال 1870 كمنزل لكاتم أسراره ووزير التعليم آنذاك، أحمد خيري باشا، الذي سُمى البناء باسمه. وتم بيع القصر لرجل الأعمال اليوناني نستور جناكليس بعد وفاة خيري، حيث أصبح مصنعاً للسجائر لفترة وجيزة استخدمه جناكليس في إنتاج وتعبئة منتجات تبغ هلمار Helmar التي اشتهر بها.

وعاد القصر إلى جذوره التعليمية في عام 1908 حينما تم تأجيره من قبل الجامعة المصرية، والتي سُميت بعد ذلك بجامعة الملك فؤاد، ثم أصبحت جامعة القاهرة. وظل القصر مقراً للجامعة المصرية حتى ابتاعه تشارلز واتسون، الرئيس المؤسس للجامعة الأمريكية بالقاهرة، في عام 1919.

بالرغم من أن واتسون أراد تشييد الجامعة بجانب أهرامات الجيزة في بداية الأمر، إلا أنه تخلى عن هذه الفكرة في عام 1917 لصالح هذا المجمع التاريخي الذي تحتضنه وسط مدينة القاهرة. لم يكن موقع القصر مركزي فحسب، بل كانت الأرض المحيطة به غير مأهولة مما أفسح المجال لتوسيع هذه الجامعة الناشئة. استغرق جمع الأموال اللازمة لشراء القصر من واتسون عامين، وربما لم تكن ستسنح الفرصة له لشرائه إن لم يحدث هبوط في أسعار الأراضي في عام 1919 نتيجة للقبض على الزعيم الوطني سعد زغلول واندلاع الثورة التي أعقبت ذلك في العام نفسه.

افتتحت الكلية الأمريكية للفنون والعلوم بالحرم الجامعي الجديد في 5 أكتوبر 1920 بحضور 142 طالب جديد. وقد تزامن افتتاح الجامعة مع أول عملية تجديد رئيسية للقصر، والتي تضمنت إحلال الحمام التركي الخاص بخيري باشا بأدشاش الاستحمام لاستخدام الطلاب بعد التدريبات الرياضية.

وقد أرسل روبرت ماكليناهان، أحد مؤسسي الجامعة وعميد كلية الفنون والعلوم من عام 1920 وحتى عام 1937، خطاب لرئيس الجامعة واتسون يعرب فيه عن نجاح عملية تجديد القصر. قال ماكليناهان "أتمنى أن تتمكن من رؤية مدخل القصر. فإن الألوان، وخاصة الأضواء الخافتة، تجعل القصر، في اعتقادي، أجمل مكان في القاهرة."

نهضة ثقافية

مع زيادة عدد الطلاب خلال العقد الذي تلى ذلك، أُجريت ثاني عملية تجديد رئيسية للقصر، والتي تضمنت إضافة القاعة الشرقية وقاعة إيوارت التذكارية في عامي 1928 و1932. وتعد عملية التجديد هذه بداية لإحياء القصر كمركز ثقافي في وسط مدينة القاهرة.

وعلى مدار الثمانين عام التالية، استضاف القصر أبرز الشخصيات العربية والعالمية، والتي تضمنت لفيف من داعمي الأعمال الخيرية، والأكاديميين، والفائزين بجائزة نوبل، والفنانين، والسياسيين، وآخرين. فقد جرت العادة على إقامة أهم الأحداث بهذا المبنى، على سبيل المثال، ألقى الرئيس الأمريكي ثيودور روزفلت محاضرة في قاعة الاجتماعات أثناء استخدامها من قبل الجامعة المصرية.

وفي غضون ذلك، تم تشييد المزيد من المباني والمنازل والمكاتب متعددة الطوابق حول الحرم الجامعي بعد أن تزايد الطلب على المعيشة والعمل بجانب نهر النيل. وبمرور الوقت، تزايد المرور والازدحام بوسط مدينة القاهرة مثلما تزايدت الضوضاء حتى يومنا هذا، إذ يطل القصر على ميدان التحرير الصاخب.

مواكبة العصر

مع التجديدات المقرر إجرائها لقاعة إيوارت التذكارية، يظل القصر المركز الثقافي لمدينة القاهرة في القرن الواحد والعشرين. واليوم، مع استخدام التكنولوجيا المتاحة الآن لإبراز الشكل المعماري للطراز المملوكي الذي يتميز به القصر، سيحتوي المبنى على أحدث أنظمة للصوت والإضاءة وشاشات العرض داخل قاعة إيوارت.

لقد عاصر القصر الكثير من الأزمنة والأحقاب منذ بدايته كمنزل لباشا وحتى تحوله إلى مركز ثقافي حالياً. فقد ظل القصر، وهو أقدم مبنى بالجامعة، راسخاً على مدار تاريخ الجامعة. والآن، لا يزال يخدم القصر مجتمع الجامعة كتذكرة لالتزامنا تجاه التعليم والثقافة في مصر في الماضي والحاضر والمستقبل.

Share