الصفحة الرئيسية
En

تيري جينزبرج تحلل التضامن مع الشعب الفلسطيني في السينما

نوفمبر 30, 2016

يحتفل العالم كل عام باليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني في 29 نوفمبر من أجل استرعاء انتباه المجتمع الدولي لحقوق الفلسطينيين الذين لا يزال الكثير منهم مُعرض للتشريد.

فقد تعرف الكثير منا عن الكفاح الفلسطيني بطريقة أو بأخرى من خلال الأفلام الوثائقية والأبحاث الأكاديمية إلى الفنون المرئية. قامت تيري جينزبرج، مدرس صناعة الأفلام بقسم الفنون ومدير برنامج صناعة الأفلام بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، بدراسة العديد من الأفلام حول موضوع التضامن مع الشعب الفلسطيني والتي أنتجها صانعي الأفلام الغرب والعرب والمسلمين من كندا، والولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة، ومصر، وإيران، وفلسطين/إسرائيل، والمكسيك بداية من فترة السبعينيات. ففي كتابها المنشور مؤخراً Visualizing the Palestinian Struggle: Towards a Critical Analytic of Palestine Solidarity Film ، تتحدث جينزبرج عن صناعة فيلم عن التضامن مع الكفاح الفلسطيني وتناقش التحديات التي يواجهها الباحثين عند تقديم تحليل بناء للصراع الحالي في مواجهة التلاعب السياسي للحرية الاجتماعية والأكاديمية والصحفية.

تقول جينزبرج "في هذا الكتاب، أحاول تقديم إعداد لكيفية صناعة الأفلام التي تناولت هذا الموضوع عبر التاريخ، حيث ظهرت اختلافات في الطريقة التي تم تقديم ذلك من خلالها على مدار الأربعين أو الخمسين عام الماضية، ويتجلى ذلك في مختلف الأفلام التي أُنتجت في أوقات مختلفة من تاريخ هذا الكفاح. فعلى سبيل المثال، إن أمعنا النظر في الأفلام التي أُنتجت في فترة السبعينيات، سنجد أن هذه الأفلام قدمت نضال الشعب الفلسطيني والذي تزامن مع الوضع التاريخي لحركة التحرير الفلسطينية آنذاك، بينما اليوم، نجد أن صانعي الأفلام قد ابتعدوا عن القضايا الفكرية والسياسية، مثل صراع الطبقات والعنصرية، والتي كانت مثاراً لاهتمام صانعي الأفلام القدامى، وقدموا أفلاماً عن حقوق الإنسان."

وعند البحث في هذه النوعية من الأفلام بعد هجمات 11 سبتمبر، تذكر جينزبرج أنه قد ظهرت المزيد من الأفلام التي تناولت موضوع التضامن مع الشعب الفلسطيني بشكل ملحوظ، أكثر صانعيها من اليهود، وذلك في أمريكا الشمالية وأوروبا. تقول جينزبرج "أخيراً بدأ اليهود في التفكير في تاريخهم فيما يتعلق بالصهيونية والمعنى الكامن وراء ذلك. وأصبح الكثير منهم يتخلى عن هذه الأيديولوجية ويحاولون إظهار ذلك من خلال الوسائل السينمائية. ويستتبع ذلك تحدي السياسات الخاصة بالهوية ضمن أشياء أخرى."

توضح جينزبرج أنه مع دخول العصر الرقمي وهذه الحقبة المعاصرة، لا يزال هذا الاتجاه مستمراً برغم قلة عدد الأفلام التي تقدم تحليلات سياسية وفكرية عميقة والتي ظهرت في الأفلام النضالية التي قُدمت أثناء السبعينيات. تقول جينزبرج "يتضمن ذلك أفلام التضامن مع الشعب الفلسطيني التي أنتجها العالم العربي والإسلامي. وبوجه عام، وعلى سبيل المثال، فإن هذه الأفلام التي أنتجها مصريين أو لبنانيين أو إيرانيين لم تقدم تحليل عميق بالقدر الذي قامت بتقديمه الأفلام النضالية. قد يعتقد المرء أنه فيما يتعلق بالكفاح الفلسطيني، وحيث أنه يُقال أن هذا الكفاح راسخاً في وجدان شعوب منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كان سيتم إنتاج عدداً أكبر من الأفلام الجوهرية عنه، ولكن لم يحدث ذلك دائماً."

تذكر جينزبرج أن هناك سبب رئيسي لعدم اتسام الكثير من الأفلام المعاصرة والمنتجة بالمنطقة بالعمق الفكري ألا وهو الموقف السياسي لغالبية دول العالم العربي تجاه الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل. تقول جينزبرج "إن متابعة هذه القضية يفتح أبواب المناقشة على الرؤية العالمية لمعنى التضامن مع الشعب الفلسطيني. فإن هذا التضامن ليس مقصوراً على الأوروبيين والأمريكيين فحسب، وإنما على جزء كبير من العالم العربي والإسلامي أيضاً."

وتشير جينزبرج إلى أنه، في بعض النواحي، ترمز هذه الأفلام إلى المواقف التي تتبناها دول ومناطق بعينها. تقول جينزبرج "تكون المحادثات ذات طبيعة خلافية في هذه الأفلام، فهي تعكس التناقضات الموجودة بين وجهات النظر التي تتبناها القاعدة العريضة من شعوب المنطقة والرؤى الخاصة بحكوماتها."

تقول جينزبرج "إن هذه الأفلام بدورها لا تعكس شفافية المواقف السياسية للحكومات. فإن صناعة مثل هذه الأفلام، وفي ظل ظروف مختلفة، هو فعل شجاع في مواجهة القمع الصهيوني. فعلى سبيل المثال، في الولايات المتحدة الأمريكية، يصعب الحديث عن فلسطين دون إطلاق عليك لقب معادٍ للسامية أو يهودي يكره ذاته أو إرهابي. وبالتالي، ومن خلال البحث في هذه الأفلام، يمكن قياس القيود النسبية المفروضة على التحدث عن معاداة الصهيونية أو مساندة فلسطين والمعالم الأيديولوجية التي تطوق الحديث عن فلسطين في أماكن معينة."

بالنسبة إلى جينزبرج، كان الجزء الأكثر صعوبة في كتابة هذا الكتاب هو الحصول على تعليقات وملاحظات بناءة وحسنة المقصد من باحثين قد يهابوا التحدث عن فلسطين. تقول جينزبرج "فالكثير من الباحثين لا يودوا مشاهدة أفلام أو قراءة نصوص حول هذه القضية أو التعليق عليها. لقد قدمت معظم فصول الكتاب بمؤتمرات في مناطق مختلفة من العالم للحصول على تعقيب عليها. وفي المقابل، كان النشطاء، أعضاء حركة التضامن مع الشعب الفلسطيني، متحمسون للتعليق عليها، ولكن كان القليل منهم يقدمون نقد ذو طبيعة بحثية، فكان أقصى ما يمكنني القيام به هو إطلاعهم على النصوص بشكل غير رسمي. فقد كان لديهم الرغبة في الاستماع لي، ولكن كان هناك حدود في تقديم دعم بحثي لي."

ستقوم جينزبرج بتدريس مادة لطلاب البكالوريوس في فصل الربيع الدراسي لعلم 2017 آملة في إيجاد المزيد من المساحة لتحليل ثقافة الأفلام الفلسطينية ولتصحيح الإختلالات الموجودة حول الصراع العربي الإسرائيلي. تقول جينزبرج "ستكون هذه المادة فرصة جيدة للطلاب لفهم هذا الموضوع بشكل أكثر موضوعية. فمن المثير للاهتمام رؤية الطلاب يعبرون عن فكرتهم حول الكفاح الفلسطيني التي تردد الخطاب الصهيوني. تعد هذه المادة مهمة للغاية لأن السينما والتليفزيون من الوسائل الأساسية التي يعرف من خلالها معظم الناس عن هذا الكفاح وعما يحدث داخل فلسطين/إسرائيل. إن لم نتحدث عن الطريقة التي يظهر بها هذا الكفاح أو عن صناعة فيلم يتضامن مع الشعب الفلسطيني، فإن مسئوليتنا ستكون محدودة."

شاركت جينزبرج في تأليف بضع كتب  Historical Dictionary of Middle Eastern CinemaHolocaust Film: The Political Aesthetics of Ideology  ، و  Perspectives on German Cinema  ، و A Companion to German  Cinema . تشارك جينزبرج حالياً في تحرير  مختارات أدبية عن السينما العربية، وتعمل على كتابة تحليل نقدي لتاريخ دراسات صناعة الأفلام.

Share