الصفحة الرئيسية
En

خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي: هل يؤثر علينا؟

يوليو 13, 2016

في يوم 23 يونيو الماضي، أُجري استفتاء داخل المملكة المتحدة لتقرير ما إذا كانت البلاد ستظل جزءً من الاتحاد الأوروبي أم ستنفصل عنه. أسفرت نتيجة الاستفتاء عن تصويت 52% لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بينما صوت 48% لصالح بقائها. وقد أدى هذا الاستفتاء بالعالم لطرح تساؤل هل هي نهاية الاتحاد الأوروبي وما الذي سيحدث بعد ذلك.

بالرغم من أن بريطانيا ستبقى جزءً من كيان الاتحاد الأوروبي خلال العامين القادمين، إلا أن نتيجة هذا الاستفتاء تعد نقطة تحول رئيسية للبلاد والعالم فيما يتعلق بالآثار السياسية والاقتصادية. توضح أمنية النجار، أستاذ غير متفرغ بقسم العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، بعض من التداعيات التي قد تترتب على نتيجة هذا الاستفتاء.

1) لم يعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أمر ذو أهمية بالغة؟

هناك العديد من الأسباب التي تهم العالم بأكمله وليس بريطانيا فقط جراء هذا الانفصال عن الاتحاد الأوروبي. أولاً، تكمن الأهمية البالغة لذلك في أنه يعد أول انفصال يحدث منذ 59 عاماً، أي منذ نشأة الاتحاد الأوروبي نفسه. فحينما يحدث أمراً في مثل هذه الأهمية وللمرة الأولى لكيان سياسي واقتصادي منظم مثل الاتحاد الأوروبي، تظهر الكثير من الأمور التي يجب أن نأخذها في الحسبان مثل اللوجستيات، والجوانب القانونية، والتجارة، والبروتوكولات، وغير ذلك.

وثانياً، عند التمعن في العلاقات الدولية، لدى بريطانيا أضخم سوق في الاتحاد وتعد واحدة من الدول المحورية بداخله. فإن انفصال إحدى أقوى ثلاث دول بالاتحاد الأوروبي (بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا) عنه قد يكون له تأثير مباشر على قوة الاتحاد وقد يجعل بريطانيا في مركز أقل قوة كسوق فردي، وهذا هو ما سيبحث فيه المراقبين وخبراء العلوم السياسية.

أما ثالثاً، يرتبط خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بواقع أن من قام بالتصويت لحدوث ذلك هو جيل يؤمن بالاستقلالية والحفاظ على الحدود البريطانية. فهي مؤشرات دالة على القومية الفائقة، والشعبية الفائقة، بالإضافة إلى صعود سياسة الحزاب اليمينية في مواجهة التعددية الثقافية وأشكال أخرى من الاندماج الثقافي العالمي. يجب أخذ تلك العوامل الهامة في الاعتبار عند تحليل موضوع الانفصال. ومن ناحية أخرى، تجسد هذه العملية الديمقراطية في أفضل صورة لها حيث يحق للجميع التصويت.

2) مع رفض الحكومة البريطانية إجراء استفتاء جديد وتلاشي أية احتمالات للوقوف ضد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فما يعني ذلك؟

كانت فكرة إجراء استفتاء جديد مرفوضة تماماً. صحيح أن الأصوات التي أُدلي بها لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد فازت بهامش بسيط جداً، إلا أن هذا هو المعنى الحقيقي للديمقراطية. إن عملية الانفصال هذه تعكس قيمة الاستقلال والشعور بأن بريطانيا ستكون أفضل حالاً بعيداً عن الاتحاد. ومن المحتمل أن نرى المزيد من الخطاب القومي والشعبي.

3) ما هي تبعات هذا الانفصال على بريطانيا؟

سيكون لهذا الانفصال وقع اقتصادي وسياسي في أوروبا. ستطلب مختلف الأعمال التجارية منحها شروط متساهلة عند التفاوض مع بريطانيا على الفور. وقد كانت إحدى النتائج المباشرة لذلك هبوط سعر الجنيه الاسترليني بنحو 20% مؤدياً إلى خسارة المستثمرين والعمال التجارية للأموال والأصول الخاصة بهم.

أما فيما يتعلق بالسياسة، فتبعياتها تختلف عن التبعيات الاقتصادية الناتجة عن هذا الانفصال. سيود السياسيون أن يفرضوا شروط صارمة في التفاوض مع بريطانيا وذلك لمعاقبتها ووضعها كسابقة لبقية الدول الأوروبية كي لا تحذو حذوها.

ومع ذلك، عند النظر إلى الجانب المشرق من الأمر، فقد طالب وزراء خارجية الست دول المؤسسة للاتحاد بغحداث المزيد من الدمج بين الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي والبالغ عددها سبع وعشرين دولة وذلك لتقويته.

وبالنسبة إلى داعمي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فهم يرون أن استقلالها عنه سيؤدي إلى حماية حدودها وهويتها. ومع تدفق اللاجئين، والإرهاب وقيام داعش بتوجيه الرسائل وشن الهجمات الإرهابية في جميع أنحاء العالم، ربما تميل بعض دول الاتحاد إلى تبني سياسات أكثر وقائية.

4) أشار بعض الخبراء إلى أن هذا الاستفتاء قد يشجع بعض الجماعات العرقية والأقليات على المطالبة بإجراء استفتاءات لتحقيق الاستقلال. هل تعتقدين ذلك؟

ستكون الصراعات القائمة في القرن الواحد والعشرين حول الهوية والدين بصفة عامة، وهذا موجود بالفعل على أية حال. والآن، بعد تواجد نموذج خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في زمن قد تكرر فيه حدوث أزمات مالية عالمية، سيكون من الأفضل إحياء المفهوم التقليدي الذي ينادي باستقلال وسيادة الدولة.

5) كيف يؤثر انفصال بريطانيا على منطقة الشرق الأوسط؟

لدى انجلترا تاريخ استعماري طويل في هذا الجزء من العالم، وبالتالي، بالنسبة إلى الكثيرين، فقد لعبت دور مهم في تقسيم المنطقة للعديد من الأسباب. لعبت بريطانيا دوراً في وعد بلفور، ومراسلات الحسين-مكماهون، واتفاقية سايكس بيكو، وأبرمت الصفقات أثناء الثورة العربية الكبرى التي أدت إلى نهوض المملكة العربية السعودية. وقد أشار الكثير من المعلقين في المنطقة إلى الدور الذي لعبته بريطانيا في تقسيم أوروبا. كما يعتقد البعض الآخر أنه من خلال إضعاف وضعها ولعب دور في تقسيم أوروبا، قد توجد بريطانيا الفرصة لدول إقليمية أخرى للصعود بدون أن تُملى عليهن أوامر الاتحاد الأوروبي وأوروبا.

6) كيف يؤثر انفصال بريطانيا على الانتخابات الرئاسة الأمريكية القادمة؟

تعد بريطانيا أقرب حليف أوروبي للولايات المتحدة الأمريكية. بل في الواقع، وُصفت بريطانيا بحصان طروادة الخاص بالولايات المتحدة الأمريكية داخل أوروبا. وفيما يتعلق بالعلاقات الدولية، يعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي خسارة للولايات المتحدة الأمريكية حيث تفقد قوة تصويت حليفتها داخل الاتحاد الأوروبي.

ومن ناحية أخرى، إن الروح والفكر الذي أدى إلى انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي وكيف أصبح حقيقة فعلية سيشجعان المزيد من الناخبين على الاستماع إلى الخطابات الشعبية والتي تنادي بحماية الوطن لدونالد ترامب.

7) مع استقالة ديفيد كاميرون وتنصيب تيريزا ماي كثاني سيدة ترأس الحكومة البريطانية، ماذا نتوقع في الفترة القادمة؟

أوضحت تيريزا ماي، رئيسة الوزراء الجديدة، أنها تضع نصب عينيها تصور لتقلد بريطانيا منصب قيادي. ففي إحدى البيانات التي أدلت بها قالت "يجب ألا تكون قيادة بريطانيا لأوروبا استثناءً بل الأمر الطبيعي."

إن خروج بريطانيا من عباءة الاتحاد الأوروبي يعني حدوث بعض الاحتكاك السياسي الداخلي في المملكة المتحدة كنتيجة لوجود تباين بين وجهات نظر مؤيدي الخروج نت الاتحاد ومؤيديه. فضلاً عن ذلك، لن يحدث الاحتكاك فقط بسبب فوز الأصوات المؤيدة للخروج من الاتحاد بهامش بسيط، ولكن أيضاً بسبب القضايا المعقدة الخاصة بأسكتلندا وإيرلندا. وقد أوضحت ماي مؤخراً إحجامها عن السماح للأسكتلنديين لإجراء استفتاء ثاني بخصوص علاقتهم بالاتحاد الأوروبي.

Share