الصفحة الرئيسية
En
Ashraf El-Sherif and Mustapha Al-Sayyid examine what's next for the Middle East in light of recent events

ما بعد هجمات باريس: ماذا يعني ذلك للشرق الأوسط؟

نوفمبر 22, 2015

مع تصاعد وتيرة الهجمات الإرهابية التي شنتها جماعة داعش، أو الدولة الإسلامية في العراق والشام، في كل من باريس، وبيروت، وشرم الشيخ، هناك الكثير من التساؤلات التي تحتاج لإجابات: لم هناك موجة عارمة من العنف؟ هل يجب أن نتوقع وقوع المزيد من الهجمات الإرهابية؟ كيف يجب أن تكون ردود أفعال الحكومات العربية والإسلامية؟

حديث مع أشرف الشريف ومصطفى السيد، عضوي هيئة تدريس غير متفرغين بقسم العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، حول حدوث هذه الجرائم الإرهابية حول العالم.

1) ما هي تداعيات هجمات باريس على منطقة الشرق الأوسط؟

السيد: من المحتمل ازدياد التدخل العسكري الأجنبي في منطقة الشرق الأوسط، مثل الغارات الجوية التي شنتها فرنسا على مواقع داعش في سوريا وذلك بعد وقوع هجمات باريس. ومن المحتمل قيام روسيا بالأمر نفسه، وسيكون هناك تنسيقاً أكبر بين القوى الأجنبية للتدخل عسكرياً في الشرق الأوسط. سيتعرض السوريون والعراقيون الراغبون في اللجوء إلى أوروبا لمزيد من الصعوبات والعقبات، هذا وسيواجه العرب والمسلمين المسافرين إلى أوروبا تعقيدات في إجراءات الحصول على تأشيرة سفرهم، وقد يتعرضوا أيضاً إلى تفتيش خاص عند دخول المطارات الأوروبية. وفيما يتعلق بداعش، سيتم حصر سيطرتها على المزيد من الأراضي في الشرق الأوسط مع اشتداد الحملة العسكرية الأمريكية-الروسية-الفرنسية ضدها.

الشريف: قد يكون الوقت سابق لأوانه لمعرفة كافة التداعيات الناتجة عن وقوع هجمات باريس، ولكن يمكننا القول أنه لن يكون هناك انعكاسات ملموسة في الأوضاع. في الواقع، سيصبح الوضع الحالي أكثر حدة، حيث تحدث نزاعات بين نظم الحكم القديمة والجماعات الإسلامية المتطرف، وانهيار الهياكل القديمة للدولة، والأزمات المتواصلة للحكم والشرعية.

2) ما هو رد الفعل الملائم للعرب والمسلمين حول ذلك؟

الشريف: يجب أن تقوم الدول العربية والإسلامية بوضع يدها على جذور المشكلة كما يلي: يجب تشكيل هياكل جديدة وفاعلة وشرعية وتمثيلية للدولة، حيث أنه هذا هو السبيل الوحيد لتجاوز الأزمات القديمة والعميقة الحالية والتي أدت إلى إشعال شرارة الثورات العربية في عام 2011. هذا بالإضافة إلى إصلاح الخطاب الديني لمحاربة التطرف الديني والتعاليم البالية.

السيد: يجب أن تسعى الحكومات العربية والإسلامية لفهم سبب لجوء الشباب والطبقة المتوسطة لداعش واعتبارها منفذ جذاب بالنسبة لهم. إن الشباب الذين ينضمون لداعش ليسوا مجرمون بالفطرة، ولكنهم يبحثون عن سبب يناضلون من أجله وداعش تمنحهم ذلك. كما يجب أن تقوم الدول العربية بمراقبة موارد التمويل الخاصة بمثل هذه المنظمات والجماعات. أما الأمر الأكثر أهمية يكمن في قيام الحكومات العربية بتكثيف جهودهم لنشر الجوهر والمعنى الحقيقي للإسلام من خلال المساجد، والمدارس، ووسائل الإعلام، والمنتديات العامة. تقوم داعش بتبرير أفعالها استناداً على بعض الآيات القرآنية واستخدامها خارج السياق الصحيح لها، لذا لابد من مواجهة ذلك بالحجة والنصوص الصحيحة في المناقشات العامة الحرة وذلك كي يفهم الناس ما هو المعنى الحقيقي للإسلام. وعلى المستوى الفردي، يجب أن تتابع الأسر أولادها عن كثب لمعرفة أفكارهم حول مختلف القضايا، ويجب أن يتحدثوا معهم بشكل منفتح لمعرفة ما يدور بذهنهم من أفكار.

3) ما رأيك في رد فعل الحكومة الفرنسية بعد وقوع تلك الهجمات؟

السيد: تعد استجابة فرنسا بإغلاق حدودها، ووضع قيود على إصدار تأشيرات السفر، وإعلان حالة الطوارئ في البلاد جميعها مجرد إجراءات مؤقتة ليس فقط لمعرفة هوية مرتكبي تلك الهجمات الدامية، ولكن لحماية البلاد ضد أية هجمات أخرى محتملة أيضاً. أما حقوق الأشخاص المدنية والسياسية، فلن يتم المساس بها برغم زيادة الخوف من الإسلام بكل آسف.

الشريف: يعتبر رد فعل الحكومة الفرنسية طبيعي ومعقول من الناحية اللوجيستية، لكن عليها تحديد نهج سياسي بناء للتعامل مع هذه الأزمة، وإذا ما كان يُلقى عليها اللوم لارتكاب أخطاء في سياستها الخارجية او اتخاذ القرارات الخاطئة بشأن قضية الهجرة والدمج الاجتماعي للمسلمين الفرنسيين.

4) ما الذي يتوقع حدوثه بعد وقوع تلك الهجمات؟ هل هذه البداية لوقوع المزيد من العنف؟

السيد: بدأت داعش تفقد أراض كانت قد استحوذت عليها في كل من العراق وسوريا، وخاصة بعد العمليات العسكرية والغارات الجوية الأجنبية التي تم شنها عليها. بالطبع، سيؤدي ذلك إلى وضع المزيد من الضغط على داعش، مؤدياً بدوره إلى احتمال قيامها بشن المزيد من الهجمات الإرهابية داخل وخارج منطقة الشرق الأوسط كعقاب للدول المشتركة في محاربتها. فمن المتوقع تضييق الإجراءات الأمنية وتقييد بعض الحريات المدنية في منطقة الشرق الأوسط وفي أماكن أخرى.

5) لماذا تعتقد أن هناك تصاعداً في الهجمات الإرهابية مؤخراً؟

الشريف: يرتبط تصاعد الهجمات الإرهابية بالتطورات التي تحدث في الأزمة السورية. كلما اقتربنا من الوصول لحل سلمي للنزاع السوري، كلما ازدادت داعش عدواناً لتعظيم نصيبها من القوة مقابل نظام الأسد ومقابل فصائل المعارضة والثوار الأخرى، ومقابل اللاعبين الإقليميين وأبرزهم تركيا وإيران. كما أرادت داعش أيضاً استعادة توازنها بعد الانتكاسات والهزيمة التي تعرضت لها على أيدي السوريين الأكراد الذين يدعمهم الغرب.

6) هل هناك صلة بين الهجمات التي شنتها داعش على كل من بيروت، وباريس، وشرم الشيخ؟

الشريف: أجل، يتضح ذلك. فقد قامت داعش مؤخراً بتغيير استراتيجيتها من التركيز بالكامل على دمج قواها الداخلية في الأراضي التي استحوذت عليها في غرب العراق وشرق سوريا إلى شن هجمات خارجية. ومن خلال قيامها بذلك، فهي تهدف إلى جذب المزيد من الانتباه وإثارة ردود أفعال عنيفة من قبل الغرب تجاه المجتمعات الإسلامية التي تعيش في الغرب، وتجاه دول منطقة الشرق الأوسط. فأية ردود أفعال عنيفة من قبل الغرب ستكون في مصلحة داعش، إذ يدعم ذلك ادعاءاتهم حول "الحرب بين الإسلام والغرب"، وبالتالي يكتسبون المزيد من التعاطف محلياً.

السيد: دعت داعش المسلمون الحقيقيون لمهاجمة المصالح الغربية، حيث تعتبر الكثير من تلك الهجمات الإرهابية ردود أفعال لهذه النداءات الأيديولوجية. فقد تعرضت داعش لضغط شديد من القوات الموالية للأسد في سوريا ومن الحكومة العراقية مدعومة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي فهي تصعد من تلك الهجمات الإرهابية كمحاولة لردع أعدائها عن الاستمرار في شن الحملات العسكرية ضدها، وهو الأمر غير الواقعي بالمرة. تعتقد داعش أنها حققت نصراً تكتيكياً بشن تلك الهجمات الإرهابية، بل في الواقع، فهي تمهد الطريق لنهايتها ككيان متماسك وقوي مع احتشاد دول العالم ضدها.

Share