الصفحة الرئيسية
En
Hani Henry AUC psychology professor

هنري يحلل سيكولوجية الإرهابيين وسبب انضمام الشباب إلى الجماعات الإرهابية

مايو 10, 2015

إعدام طيار أردني حرقاً، والهجوم على مقر صحيفة «شارل إيبدو» الفرنسية وحرم جامعة جاريسا بكينيا، ومقتل ثلاثة طلاب مسلمين بأمريكا، وذبح الرهائن الأقباط المصريين بليبيا، بالإضافة إلى حوادث إرهابية أخرى لا حصر لها والتي أصبحت شائعة في عالمنا اليوم.

يحلل هاني هنري، أستاذ مساعد في علم النفس، سيكولوجية الجماعات الإرهابية: كيف يفكرون، وكيف يجندون الشباب، وكيف يبررون عملياتهم الإرهابية.

1) ما هي جذور الجماعات المتطرفة والمسلحة مثل تنظيم داعش؟

عادة ما يرجع ظهور مثل هذه الجماعات إلى فراغ السلطة، أو غياب الحكومة أو أية سلطة مركزية، مثل حالتي العراق وسوريا. ففي حالة تلك الدولتين، قام تنظيم داعش بملء فراغ السلطة هذا، ومن ثم القيام بدور الحكومة. فقد استولى التنظيم على السلطة وقام مقام الحكومة، واستمال الشباب وأعاد خلق روح الجماعة، والتي نسعى جميعاً، كبشر، لنصبح أعضاء بها.

2) كيف تؤثر تلك الجماعات على العقول؟

تؤثر هذه الجماعات على العقول من خلال عمليات غسيل المخ، وخاصة في الفئات المهمشة، وتحصر المعلومات التي تصل إليهم، وتساعدهم على خلق هوية جديدة. قد تكون حقيقة الأمر أن تلك الجماعات تستغل تكاسل الناس عن التفكير بشكل منطقي، فتقوم بإعطاء هؤلاء الناس إجابات سهلة وشعارات فارغة وحلول مبسطة لكافة الأمور. وتدعي هذه الجماعات بأن "نحن الإجابة على كل شيء، ويمكننا حل جميع المشكلات." بالنسبة إلى بعض أفراد الفئات المهمشة غير المتعلمين، والذين لا يمكنهم الزواج لعدم إمكانية تحمل تكاليفه، والذين تنعدم لديهم الثقة بالذات، فإن مثل هذه الرسالة التي ترسلها تلك الجماعات يكون لها وقعاً وأثراً قوياً وجاذباً على هؤلاء الأفراد.

ومع ذلك، إن بعض التنظيمات مثل داعش لا تقوم بتجنيد الفئات المهمشة فحسب، وإنما تستهدف الأفراد المنتمين للفئات المتميزة أيضاً والذين يشعرون برباط بينهم وبين السلطة الرمزية التي تعكسها هذه الجماعات. فهؤلاء الأشخاص يرغبون في الحفاظ على وضعهم المتميز من خلال انتمائهم لجماعة أو تنظيم قوي يقوم بإخضاع وإذلال الآخرين، كما هو الحال في العراق وسوريا.

3) كيف يستشعر البعض وجود رباط بينهم وبين تلك الجماعات وكيف ينضمون إليهم؟

ليس عليك الانتماء لجماعة ما لتستشعر وجود رباط معها. فيبدو أن هذه الجماعات المسلحة تستغل رغبة أفراد الفئات المهمشة على الانتقام من المجتمع، وخاصة الذين لم يحصلوا منهم على فرصة للتعليم، ولم يتمكنوا من إيجاد وظائف، ويفقدون أسرهم، حيث تفتقر الكثير من المناطق التي يقطنون بها لروح المجتمع. ومن ثم، يجد الشباب هذه الجماعات المتطرفة التي تفتح إليهم ذراعيها وتقدم لهم كيان يمكنهم الانتماء إليه والارتباط به، وتشعرهم بالقبول وبروح الجماعة، وتزرع بداخلهم شعور الثقة بالذات والأهمية والتميز. فتكون النتيجة أن تلك الفئات المهمشة والمضطهدة يصبح انتمائها إلى المعتدي وتصبح عدوانية في مواجهة المجتمع الذي تراه عنيفاً، وبالتالي يحاكون المعتدي الذي ينتمون إليه.

4) ماذا يحدث مع الأفراد المنتمين إلى الفئات المتميزة؟ 

يتمتع الأفراد المنتمين إلى الفئات المتميزة بمزايا يحصلون عليها بشكل تلقائي فور الانضمام إلى تلك الجماعات. يكمن التميز هنا في الحصول على مزايا غير مكتسبة ينفرد بها بعض الأفراد دون الآخرين. حينما تصبح عضواً بهذه الجماعة، فأنت تحصل على هذه المزايا وتستغلها على حساب النساء والأقليات الدينية الموجودة بالمجتمع. ونتيجة لذلك، تتوسع وتترسخ هذه المزايا لدى أفراد الجماعة. إن هذه الجماعات الخطرة تحمل رسالة جاذبة لأفراد كل من الفئات المهمشة والمتميزة، فهي تستغل نقاط الضعف والشعور بالأنانية الموجود لدى البعض.

5) ما هي الرسالة الأساسية التي تجسدها هذه الجماعات؟

أنها جماعات شجاعة ولن تتوقف عن ترويع الناس. فهي توجِد الشعور بالانتماء إلى النخبة وأن أعضاء الجماعة لديهم مكانة خاصة ويمكنهم إحداث فرق في العالم. تكمن رسالة تلك الجماعات في أهمية الذات وليس اكتساب الدعم. تخبر هذه الجماعات العالم "نحن على حق، ونحن مختلفون، وسننال منكم جميعاً." يعتقد أعضاء هذه الجماعات أن لديهم قضية يدافعون عنها. فحينما يؤمن المرء أن الله معه، فإنه يعتقد أنه على الطريق الصحيح. وهذه هي الرسالة التي تقدمها الجماعات المتطرفة: إنه نداء، نداء مضلل، ولكنه في النهاية نداء.

6) هل يفكر أعضاء هذه الجماعات في عواقب أفعالهم؟

من المحتمل أن يكونوا غير مباليين بعواقب أو تداعيات أفعالهم. فمن وجهة نظرهم أن الجميع ممن ليس منهم كافرين. قد يفكروا في بعض العواقب، لكنهم يعتقدون أن قضيتهم صحيحة ومبررة. فربما هم يعتقدون أنهم يخوضون حرباً مقدساً ستدخلهم الجنة. ولكنهم لا يبالون بالخسائر البشرية التي تنجم عن أعمالهم.

7) ماذا عن الجانب الإنساني في أعضاء هذه الجماعات؟ هل يمكن أن يكون الإنسان بلا روح حيث يقتل دون الشعور بالندم؟

تختلف الآراء في علم النفس في هذا الخصوص منذ أمد بعيد. هل يتحرك البشر بدافع غريزة التدمير لديهم؟ هل هم طيبون بطبيعتهم، أم هل تشكلهم البيئة التي يعيشون فيها؟ أعتقد أن البشر هم خليط من كل ذلك. فقد سمح هؤلاء لغرائزهم التدميرية أن تغمر حياتهم وتستحوذ عليها. فهم ربما يعتقدون أنهم يحاربون من أجل البشرية، وخاصة مع مباركة المتعاطفين معهم لأفعالهم.

8) أين يأتي دور الدين؟

إنهم يستغلون الدين لإشباع ميولهم الفوضوية. فهم يعتقدون أنهم يخوضون حرب يباح فيها كل شيء، ثم يقومون بتشويه النصوص الدينية، ويستخدمونها خارج سياقها ويدمرون ما يخالفهم أو يعارضهم لتبرير عمليات القتل والتعذيب والوحشية التي يرتكبونها. إن رسالتهم ليس لها صلة بالدين، ولكن يكون الدين هو المحور الرئيسي لإدعائاتهم. لابد وأن تعي الناس أن الجماعات المتطرفة تستغل الدين لتحقيق مآربها الشخصية. هناك بعض المعاهد الدينية التي لا زالت تؤيد العنف مستندة للنصوص القرآنية. ومن ثم، هناك حاجة ملحة لتنقيح الخطاب الديني كي يفهم الناس النصوص القرآنية في سياقها الصحيح وألا يتم تضليلهم.

9) ما هو دور الحكومة لمواجهة هذه الجماعات الإرهابية؟

تسعى الجماعات الإرهابية إلى السيطرة على الشباب من الرجال والنساء، وبهذا المعنى، هم يتنافسون مع الحكومة في ذلك. لذلك، تحتاج الحكومات إلى تقديم بديل آخر للشباب من خلال وضع حد لعنف الشرطة والصراعات الطائفية والاستقطاب داخل المجتمع. وتحتاج الحكومات إلى خلق هوية جديدة للشباب، هوية تدمجهم في المجتمع، وتشعرهم بالانتماء إلى الوطن، وتشجعهم على قبول الآخرين، وليس بث روح الانتقام بداخلهم والانتماء إلى المعتدي. يجب ألا يتم قمع أو قتل الشباب، بل يجب معاملتهم كمواطنين جديرين بالاحترام ولهم آراء يعتد بها في مجتمعاتهم. سيؤدي ذلك حتماً إلى تنمية روح المواطنة والولاء بداخلهم، وسيساعدهم في التعرف على إمكاناتهم الكاملة، ويحول دون وقعهم فرائس لعمليات غسيل المخ.

10) ما هو وضع الإرهابيين غير المنتمين إلى جماعة ما؟

يشترك بعض الإرهابيين غير المنتمين لجماعة ما مع الجماعات المسلحة في بعض الخصائص، مثل القتال من أجل دعوة دينية أو إلهية. وينطبق على هذه الحالات الفردية مصطلح اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، حيث تكون أفكار وآراء الأشخاص المصابة بهذا الاضطراب مشوبة بالخلل والعدوانية، ويفتقرون إلى الشعور بالتعاطف، ويتصفون بالتعجرف والاندفاع، والاستخفاف برغبات الآخرين، ولا يعيرون اهتمام إلى ما هو صواب أو خطأ، ويتعاملون بجفاء ولا مبالاة مع الآخرين. وعادة ما يكون هؤلاء مدمنون للمخدرات وكثيراً ما يخالفون القانون في تصرفاتهم.

Share