الصفحة الرئيسية
En

تكنولوجيا النانو ودعم صلابة المواد

أكتوبر 9, 2014

يُستخدم الألومنيوم بصورة يومية في كثير من الأغراض كما يدخل في صناعة الأجهزة المنزلية، مثل الغسالات والثلاجات، وأدوات المطبخ، مثل الأواني وورق الألومنيوم. وكذلك يدخل في صناعة النوافذ والأبواب، والسيارات، والدراجات، والطائرات، والمكوكات الفضائية، وأجهزة الكمبيوتر المحمول، وأغلفة الهواتف المحمولة، وتوربينات الرياح، والمباني، ومن ثم يعتبر هذا المعدن اللين والقابل للطرق، والمتواجد منذ أكثر من قرن من الزمن، ضرورة في عالمنا الحديث.
ولكن، تكمن المشكلة في استخدام الألومنيوم في تكلفته.
حينما نعقد مقارنة بين الألومنيوم والفولاذ، نجد أن الألومنيوم يتميز بخفة الوزن، إلا أنه ليس بنفس صلابة الفولاذ. بالإضافة إلى ذلك، ترتفع تكلفة الألومنيوم بنحو ثلاثة أو أربعة مرات عن الفولاذ لأنه يتم تقويته باستخدام معادن نادرة وباهظة الثمن من خلال عملية تسمى بسبك المعادن. تبحث آمال عيسوي، أستاذ الهندسة الميكانيكية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، عن طريقة جديدة لتقوية الألومنيوم مع الاحتفاظ بخفة وزنه وذلك من خلال استخدام أنابيب الكربون النانوية.
تقول عيسوي "إنه المزج الأمثل لأنه حينما نحاول تصنيع شيء مثل الطائرة أو السيارة، سنحتاج إلى استخدام مادة قوية للغاية، وفي الوقت نفسه، يجب أن تكون خفيفة الوزن كي لاتكون مهدرة للوقود."
إن هذه الأسطوانات النانوية الحجم والمكونة من ذرات الكربون المترابطة، والتي تبدو وكأنها أسياج أسطوانية ودقيقة من الأسلاك المتشابكة، ستحدث ثورة هائلة في عالم المواد الهندسية. تقول عيسوي "تعتبر أنابيب الكربون النانوية أكثر صلابة وقوة من الفولاذ، بالإضافة إلى كونها أخف بنحو ثلاثة أو خمسة مرات."
إذا نظرنا إلى الطائرات، على سبيل المثال، سنجد أنها تحرق كميات هائلة من الوقود بسبب المواد المستخدمة في صناعتها (تحرق الطائرة البوينج 747 جالوناً واحداً من الوقود في الثانية تقريباً). فمن خلال استخدام أنابيب الكربون النانوية مع معدن مثل الألومنيوم، يمكن أن تصبح الطائرات، بخلاف صلابتها وقوتها، أخف أيضاً. توضح عيسوي "حينما تتم تقوية الألومنيوم ودعمه باستخدام أنابيب الكربون النانوية، فإن الطائرة تكون أكثر صلابة وقوة وأخف، وبالتالي تكون أقل استهلاكاً للوقود."
إن تكلفة هذه المواد النانوية الحجم تنخفض أكثر بمرور الوقت. فبعد إنتاج أنابيب الكربون النانوية لأول مرة في التسعينيات، انخفض سعرها من 1,500 دولار أمريكي للجرام الواحد في عام 2000 إلى حوالي 35 – 50 دولار أمريكي الآن وذلك مقابل الحصول على أجود الأنواع من هذه الأنابيب، ويمكن أن ينخفض سعرها إلى 400 دولار أمريكي للكيلوجرام الواحد للأنابيب المنخفضة الجودة. بالإضافة إلى ذلك، فقد أصبحت التقنيات المستخدمة في صناعة أنابيب الكربون النانوية معروفة بشكل أكبر خلال الأعوام القليلة الماضية وفقاً لعيسوي. وتقول عيسوي "في العام الدراسي الماضي، نجحت مجموعة من طلاب الهندسة الميكانيكية في السنة النهائية في إنتاج أنابيب نانوية كربونية عالية الجودة وذلك من خلال تغيير بعض الأجهزة المتاحة في ورشة عمل الهندسة الميكانيكية." وقد حصلت عيسوي على جائزة الدولة التشجيعية في العلوم الهندسية لما حققته من إنجاز في مجال مركبات أنابيب الكربون والألومنيوم النانوية في عام 2009، ومنحتها الجامعة الأمريكية بالقاهرة جائزة التميز في البحث والإبداع في العام نفسه. وفي عام 2011، كُرمت عيسوي من قبل دار إلزفير للنشر، وهي إحدى أكبر دور نشر الدوريات العلمية الدولية، لأبحاثها في هذا المجال.
إن انخفاض تكلفة هذه المواد ليس ما يجذبنا إليها فحسب، وإنما أيضاً إمكانية استخدام القليل منها فقط. توضح عيسوي "لأن الأنابيب النانوية تعتبر قوية للغاية، بالإضافة إلى وزنها الخفيف، يمكننا استخدام القليل منها فقط عند إضافتها إلى الألومنيوم. وهكذا، فإننا نقلل من إهدار المواد المستخدمة، وبالتالي نحقق المزيد من الاستدامة البيئية مع خفض التكلفة."
ولذلك، تعكف عيسوي على اكتشاف طرق مختلفة لإضافةأنابيب الكربون النانوية إلى الألومنيوم، ودراسة المزايا الميكانيكية لمركبات أنابيب الكربون والألومنيوم النانوية. تقول عيسوي "أبحث عن طريقة لإنتاج الألومنيوم المدعم بأنابيب الكربون النانوية عن طريق بعض التقنيات التي تستخدم المواد التقليدية المنخفضة التكلفة." كما تضيف عيسوي "بالرغم من أن أنابيب الكربون النانوية تعمل على تقوية الألومنيوم، فإن بحثي الحالي يركز على ابتكار طرق جديدة لتعزيز قوة وليونة المادة."
وبالإضافة إلى ذلك تقوم عيسوي بدراسة معدل تآكل الألومنيوم المدعم بهذه الأنابيب. تقول عيسوي "إن مركبات أنابيب الكربون والألومنيوم النانوية تعكس مقاومة عالية للتآكل مقارنة بالألومنيوم الخالص، حيث تزيد نسبة الصلابة بشكل ملحوظ.

وتضيف عيسوي "إن أنابيب الكربون النانوية توفر إمكانات هائلة للمستقبل برغم حجمها الدقيق. ودون أن ندرك، سنجد أن تكنولوجيا النانو تؤثر في جميع أوجه حياتنا بصورة أفضل."

Share