الصفحة الرئيسية
En
dame

الجامعة تستضيف نعمت شفيق في محاضرة نادية يونس التذكارية

استضافت الجامعة الأمريكية بالقاهرة المحاضرة التذكارية السنوية لتكريم الدبلوماسية نادية يونس والتي ألقتها نعمت (مينوش) شفيق بعنوان "القيادة العالمية في عالم متغير." نعمت شفيق هي رئيسة جامعة لندن للاقتصاد والعلوم السياسية وأول سيدة في تاريخ الجامعة تعتلي هذا المنصب، كما كانت أيضاً أصغر نائبة رئيس بالبنك الدولي حيث تولت المنصب بعمر 36 عاماً. تولت شفيق منصب نائب المدير العام لصندوق النقد الدولي سابقاً وعملت أيضاً كنائبة محافظ بنك إنجلترا.

من خلال تسليط الضوء في محاضرتها على دور الحظ مقابل الاجتهاد لتحقيق النجاح، أثارت شفيق عدة أسئلة تتعلق بالفرص المتاحة للأشخاص مثل بلد الميلاد والمدارس المتوفرة على سبيل المثال وكيف تؤثر تلك العوامل على فرص نجاحهم. تقول شفيق "تختلف إجابات هذه الأسئلة بشكل كبير مع مرور الوقت واختلاف الأماكن، ولكن هناك أيضاً أسئلة عديدة تتعلق بالسياسة العامة لأن الكثير مما يفترض أن تفعله الحكومات هو مساعدة أولئك الذين لم يحالفهم الحظ في الحياة للحصول على فرص عادلة."

ناقشت شفيق العقد الاجتماعي والذي يمثل شبكات من الالتزامات والفرص التي تربط مجتمعاتنا ببعضها البعض، حيث تقول "أعني بالعقد الاجتماعي حقوق وواجبات المواطنة، ودفع الضرائب في مقابل الخدمات العامة، والوعد الذي يمنحه المجتمع بالحراك الاجتماعي لأولئك الذين يعملون باجتهاد."

وقامت شفيق بالاستناد على تجربتها الشخصية للتدليل على أهمية التعليم في الحراك الاجتماعي والدور الذي تلعبه الفرص والاجتهاد في التقدم. بعد خسائر والدها خلال التأميم في حقبة الستينيات في مصر، ذكرت كيف بدأت أسرتها من الصفر في الولايات المتحدة الأمريكية، قائلة "كان أبي دوماً يقول لنا إن بإمكانهم أخذ كل شيء منكم إلا تعليمكم. لقد كنا مهاجرين عندما ذهبنا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ولا شك أن عائلتي واجهت التمييز العنصري، ولكن سُمح لنا أيضاً بالمضي قدماً والاستفادة من الفرص المتاحة."

تقول شفيق "أؤمن أن المواهب، لا الفرص، منتشرة في جميع أنحاء العالم. ولهذا السبب قضيت الكثير من مهنتي في مجالات مثل التنمية الدولية والتعليم والتي تتعلق بإتاحة الفرص للآخرين." كما أوضحت أنها تمكنت من النهوض بحياتها المهنية في المنظمات التي تبني قراراتها على أساس الجدارة والتي لا تعتمد على العلاقات كأساس التقدم. تضيف شفيق "كما حظيت أيضاً ببعض الرؤساء الجيدين الذين منحوني الفرصة للنمو. وبالنسبة لي هذا المزيج من التعليم الجيد والعمل بالمنظمات التي تعتمد على الجدارة هو ما مكنني من الحراك الاجتماعي."

من خلال تركيزها على موضوع الحظ مقابل الاجتهاد، ناقشت شفيق الوضع في مصر، حيث تقول "على عكس الرأي السائد، إن عدم المساواة في مصر في الواقع منخفض للغاية وفقاً للمعايير الدولية، وجزء من ذلك يرجع إلى أن دول الشرق الأوسط تميل إلى إعادة التوزيع بدرجة كبيرة." كما تحدثت عن دور برنامج "تكافل وكرامة" وما له من أهمية كبيرة في ضمان حصول ما بين مليون ونصف و2 مليون عائلة من الأسر المحرومة في مصر على الحد الأدنى من الدخل الذي يمكّنهم من الإنفاق على التعليم والطعام المفيد صحياً. ولكن، توضح شفيق، بينما تقلصت الفجوة بين الأغنياء والفقراء في مصر، فإن الطبقة الوسطى أصبحت في وضع أسوأ نسبياً، قائلة "في العقد الماضي، تجاوزت نسبة المصريين المنتقلين من الطبقات الأعلى للأدنى نسبة المنتقلين من الطبقات الأدنى للأعلى."

لذا تعتقد شفيق أن الحظ أصبح أكثر أهمية من الاجتهاد للنجاح وتراجعت احتمالات الحراك الاجتماعي، قائلة "أعتقد أن هذا هو السبب الكبير للانخفاض الملحوظ في الرضا عن الحياة الذي نراه في العديد من استطلاعات الرأي في مصر."

وعن مفهوم القيادة والتي تناولته في حديثها، أكدت شفيق على أن القادة العظماء يلهمون ويشجعون ويمكّنون ويقومون بتشكيل قادة عظماء من حولهم، قائلة "بالتأكيد لست بحاجة إلى أن أكون أذكى شخص في فريق العمل وأنه من الممتع أكثر أن أكون مع من هم أكثر ذكاءً مني في فريقي، كما أريد أيضاً أن أعمل مع أشخاص مختلفين ولديهم فكر مختلف عني."

واختتمت شفيق حديثها بمشاركة الحضور بعض الدروس من حياتها، حيث تقول "إن النجاح في الحياة هو نتيجة للحظ والاجتهاد. وكما أقول لأبنائي باستمرار إذا كنتم محظوظين في يانصيب الحياة، فأنتم بحاجة إلى القيام بشيء ما لأولئك الذين لم يحالفهم الحظ. يمكن أن يكون ذلك على المستوى الفردي من خلال الأعمال الخيرية أو من خلال دفع الضرائب. إن الحراك الاجتماعي هو ما يمنح الناس وخاصة الشباب الأمل".

توضح شفيق أن الحراك الاجتماعي في معظم المجتمعات قد انخفض في العقود الأخيرة، قائلة "أعتقد أن الكثير من المشاكل الحالية التي نراها في دول مثل مصر والولايات المتحدة والمملكة المتحدة هي السبب في ذلك. لعل أكبر تحدي اجتماعي نواجهه هو إتاحة الفرص من خلال التعليم والحياة بشكل عام وتوفير فرص عمل أكثر عدالة ومنافسة حقيقية، وهو أيضاً أمر حيوي لنجاحنا الاقتصادي، لأن الحصول على أقصى استفادة من مواهبنا هو الطريق إلى رخاء أعظم."

جدير بالذكر أن محاضرة نادية يونس التذكارية هي جزء من صندوق نادية يونس الذي أنشئ تكريماً لذكرى الدبلوماسية نادية يونس، التي توفيت في تفجير مقر الأمم المتحدة في بغداد في 19 أغسطس 2003، بينما كانت تشغل رئيس فريق ممثل الأمم المتحدة في بغداد الدبلوماسي سيرجيو فييرا دي ميلو. بجانب إقامة المحاضرة السنوية، ساعد الصندوق في إنشاء حجرة نادية يونس للمؤتمرات والتي تخدم أعضاء نموذج القاهرة الدولي للأمم المتحدة وجائزة نادية يونس للخدمة العامة والإنسانية.  

Share